بينمـا!!
حامد بن عبدالله العلي
بينما يفتتح الصهاينة قبالة الأقصـى متحفا لما أسموه ( الهيكل الثالث ) ويضعون فيه كلَّ أباطيلهم في أحقيتهم الزائفة بالقدس ، ويسارعون في بناء المستوطنات لتهويد القدس ، تقوم سلطة عباس بإفتتاح مسابقة ملكة جمال فلسطين !! وملكة جمال فلسطين الحقيقية هي أم نضال خنساء فلسطين أم الشهداء هنـا
بينما حارب الصهاينة غزة بما أسموه ( الرصاص المصبوب ) ، فصبَّ الله عليها الثبات ، والعزيمة ، حاربوها للقضاء على المقاومة فيها ، اعترفـوا اليوم ، وقبل مضي سنة على هذه الحرب ، بأنَّ المقاومة في غزة ازدادت قوةً ، وإصراراً ، وأصبحت أكثر خطراً ، قال الحق سبحانه : ( ولما رأى المؤمنون الأحزاب ، قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله ، وما زادهم إلاّ إيماناً وتسليماً ).
وبينما زجت سلطة عباس دايتون بأبطال المقاومة من حركة حماس في سجون الضفة تحت نير التعذيب ، للقضاء على المقاومـة ، ولإسترضاء الصهاينة ، والأمريكان ، اعترفوا أخيرا لو نظمت إنتخابات في الضفة تفوز حماس ، وأنَّ شعبيتها ازدادت أضعافا مضاعفة ، وهذه هـي ثمار الصبـر ، والثبات ، والتضحيـات
بينما يطالب أهل غزة المنكوبين بكلّ أنواع الحصار ، بإنقاذهم من خنق الصهاينة لغزة ، يسارع النظام المصري بالإستجابة ببناء جدار حديدي تحت الأرض في رفح لمنع حفر الأنفاق !!
بينما أعطى عباس كلَّ مافي جعبته ، وجيوبه ، وذمته ، حتى أصبحت خربة من كلِّ شرف ، أعطاه الصهاينة والأمريكيون ، صفعات على وجهه ، بدأت من فضيحة غولدستون ، وإنتهت بتوسيع المستوطنات ، وأخيرا قالت صحيفة التايمز الأمريكية : حان الوقت لتغيير هذا الحمار !!
بينما تنتظر الشعوب العربية عقوداً للتخلص من طاغية ، وكلَّما اشتعل رأسه شيباً استرجعوا أحلامهـم بالتغيير ، والتنفيس ، يفاجئهم هـو بالتوريث !!
بينما تثور الشعوب عندما يمتهن كرامتها الأجنبي المحتل لأرضها ، يثـور آخرون من أجل الكرة ، ثم يظهـر فجأة حرص النظام على كرامة المواطن ، وهو نفسه المواطن الذي تُدخل في دبره العصيّ في سراديب البوليس !!
بينما يمدُّ النظام العربي يده الذليلة بما أسماه السلام للصهاينة ، يبصق الصهاينة في أيديهم من دماء الفلسطينيين ، ويزيدون من إبتلاع أرض فلسطين ، بمشاريع التهويد ،والإستيطان .
بينما حارب التحالف الصهيوصليبي ، ووسائل الإعلام العربية التابعه له ، روح المقاومة ، ولايزال يحاربها ، ويشوه صورة الجهاد على نطاق واسع ، لاتزال الفكرة الجهادية تنتشر في الأمة انتشار النار في الهشيم بحمد الله تعالى.
بينما أشعل الأعداء حربا شعواء على النقاب في مصر ، يزداد في المحروسة أرض الكنانة ، بصورة مذهلة ، حتى إنَّ بعض الأخوات عندما يطلب منها نزع النقاب في صالة الإختبارات النهائية ، ترمي بأوراق الامتحان في وجه الأستاذ ، وتخرج شامخة بنقابها ، فيطلب منها الرجوع مترجيا أن تكمل إختبارها بنقابها ، فالله أكبـر .
بينما حورب التدين ، في تونس حربا لا نظير لها في العالم ، هو آخذ في الإنتشار في الرجال ، والنساء ، والشباب ، والشابات في تونس الحبيبة ، وكذلك المغرب العربي المبارك بأسره ، بحمد الله تعالى .
بينما حظرت الأنظمة الخائفة من الإسلام ، كلمة الحق من المساجد ، وغيرها من تجمّعات المسلمين ولاحقـتها ، رفعها الله تعالى إلى الفضـاء فنزلت على رؤوس الأنظمة من فوق الغلاف الجوي عبر الفضائيـات ، حتى إنَّ بعض الفضائيات تنشر العمليات الجهادية ،
وأدخلها الله تعالى البيوت من وراء الحيطان التي ( لها ودان ! ) فـي أسلاك الهاتف عبر الإنترنت ، فشاعت ، وذاعت ، وانتشرت ، فطوقت ، وحاصرت ، من كان يريد حصارها ، فسبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم .
بينما تجتمع (الرمَّة ) الخليجية لترسل رسالة إلى إيران ـ كما تقول ـ اجتازت إيران مسافات بعيدة المدى في إختراق هذه الدول ، وتطويقها ـ لاسيما بعدما أهدتها دول الخليج العراق وأفغانستان مجانـاً !! ـ وخطت خطوات واسعة في سبقها إلى تحصيل وسائل القوة ، والسيطرة ، والتأثير الإقليمي ، والعالمي ، والمعلوم من السياسات الحازمة إرسال الرسائل قبل وقوع الكارثة وليس بعدها ! أما بعدها فالنهوض لحربها ، وقطع دابرها ، وليس إرسال الرسائل !!
بينما تنطلق قوافل إغاثة غـزَّة من لندن ، وتقطع أوربا لتصل إلى غزة ، بعد معاناة في المحطة المصرية ! لاتزال البلاد العربية تفضل التفـرُّج !
بينما يحارب ساسة الغرب الإسلام ، ويمعنـون في تشويه صورته ، حتى حظر المآذن في سويسرا ، والحجاب في فرنسـا ، يزداد الإسلام تألُّقـا ، ويزيد بوتيـرة متصاعدة ، وينتشـر إنتشاراً عجيبا .
بينما يحارب الغرب الجهاد الأفغاني بدعوى القضاء على حركة إرهابية مفسدة ، هو يحمي حكومة كرزاي الفاسدة ، وبإعتراف الناتـو ، وما هي إلاَّ عصابات مجرمة ، وفاسدة ، فإنتشرت المخدرات ، والجرائم ، وإنتهاك حقوق الإنسان في أفغانستان بما لم يسبق له مثيل قـطّ في تاريخهـا!!
وبينما قضي الناتو ثمان سنوات في حربه لحركة طالبان ، وأنفق أكثر من 300 مليار دولار ، هـي لاتزال تذهل العالم بثباتها ، وسرعة إنتشارها ، وحكمتها في إدارة الصراع ، وقدرتها على إبقاء سمعتها ، ومستوى قبولها الشعبي في أفغانستان .
بينما تآمرت أمريكا مع إيران على العراق للقضاء على شموخه بإصراره على مواجهـة الأطماع الصهيوصليبية في المنطقة ، يزداد العراق ثباتا ، وصمودا ، وفخرا بمقاومته للمحـتل ، وإلتفافـا حول مشروع التحرير ، وضرب العراقيون أروع الأمثلة في التاريخ المعاصـر لشعب مجاهد بطل يأبى الإنقيـاد للأجنبي .
بينما أعطت حكومة باكستـان كلِّ شيء لإرضاء أمريكا ، تسعى أمريكا لتفكيك باكستان ، وإضعافها ، وتمكين الهند ـ عدو باكستان التقليدي ـ من التفوُّق على باكستـان ، وعندما أغرت أمريكا الحكومة الباكستانية لكي تقتل شعبها في وادي سوات ، ووزيرستان إرضاء لرغبة أوباما في كسب سياسي ، عاد عليها فعلُها بالويل والثـبور ، حتى قال وزير داخلية باكستان إن الهند تقوم بعمليات تفجير للتخريب في باكستان !
بينما تسارع إيران بنشر الفكر الباطني المسيَّس، وتنفق عليه المليارات ، لتحارب الدول السنية ، وتنشئ من وسائل الإعلام عددا هائلا لتحقيق هذا الهدف ، تكتفي هذه الدول بالتفرج على قناة واحدة هي قناة (صفا) المباركة ـ مؤسسها هو شخص غيور على دينه ـ والحال أن إمكانات فتح عشر قنوات فضائية مثل (صفا) سهلة ، وميسرة.
بينما تبدأ المجتمعات بخطوات الإصلاح ، بالإصلاح السياسي وذلك بكسر إحتكار السلطة وتوريثها ، إلى توسيع دائرة إشراك النخب ، وأهل المشورة ، وتمكين أهل الأمانة من إدارة الدولة ، ومحاسبة السلطة برقابة علنية ، وإطلاق حرية التعبير ، وبالإصلاح المالي بمحاربة الفساد ، ووقف الإستئثار بالثروة ، والقضاء على البطالة ، وتوفير فرص العمل ، والحياة الكريمة لضعفاء المجتمع ، والإصلاح الإجتماعي بنشر العدالة الإجتماعية ، وحفظ حقوق الإنسان ، والإصلاح القضائي ، وبتطوير الخدمات العامة ، والبنية التحتية .
بينما تبدأ المجتمعات بخطوات الإصلاح بهذه الأمور ، نبدأ نحن بـ (تخليط) الشباب بالشابات في التعليم !! وكلُّ شيء سواه في ضياع !! يا لهـا من عبقرية في اللحاق بالعصر !!
بينما تفرح المجتمعات بالإنجازات ، والتنمية ، وتحقيق التطور ، وتحسين أحوال الشعوب ، طار الكويتيون فرحـاً لمجرد أنَّ رئيس الحكومـة ( صعد منصة ) ، والحال أنَّ كلّ شيءٍ على ما هو عليه من سوء إدارة الدولة ، وإنتشار الفساد ، وتردِّي الخدمات ، فما الفائدة ؟! والله شيء عجيب فعلا !
وعندما طلب منّي بعض المتابعين للشأن المحلي تعليقا على العملية السياسية في الكويت ، قلت له : لا ترقى إلى أن توصف بعملية ، هي عبث سياسي ، صوته عالٍ ، وإنجازاته موهومة ، وذلك مثل ربة بيت تسمع جعجعتها طوال الصباح في المطبخ ، وقرقعـة أصوات الأواني لا تخفى على الجيران ، وعندما يجيء وقت الغداء لاغـداء لبيتها !!
بينما ثمة أمور كثيرة لها داع في الحياة ، هناك أمور ليس لها داع ، مثلا آلة الطباعة القديمة ، ودفتر الجيب لأرقام الهواتف ، وجامعة الدول العربية ، والجيوش العربية ، ومجلس التعاون الخليجي ، والأحسن أن نقول : النظام العربي الرسمي برمّته !
الله المستعان ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، نعم المولى ونعم النصيـر .